كافكا ورسائل والنساء وأشياء أخرى | موقع تدوينتي

كافكا والنساء وأشياء أخرى | موقع تدوينتي

- يتساءل "دانييل ديماركيه" في كتابه كافكا والفتيات عن الأسباب الدينية التي حصرت علاقة فرانزكافكا بالنساء في أطار تبادل الرسائل فقط ! 
تساءل ولكنه لم يتوقف طويلاً عند هذه النقطة ولم يجد مايمكّنه من الأجابة على ذلك.


- يقول: في كل مرة التقى فيها «كافكا» ب«فتاة جديدة» انتهى الأمر ب«انتصار الكتابة» على «متعة السعادة». ومن خلال كل «لقاء» مع امرأة كان «يخرج» كتابا.*




  • - رواية المحاكمة كانت بعد علاقته مع الفتاة الألمانية فيليبس ...

كان كافكا قد اسمى فيليبس بالرائعة
وهنا رسالة الى فيليبس :


16 كانون الأول 1912

لم تصلني رسالة ، أيتها العزيزة ، لا في الساعة الثامنة ، و لا حينما وصل الوقت إلى الساعة العاشرة . لا بد أنك مرهقة من الرقص ، و من حفلة ما بعد الظهيرة . لم أحصل منك ، حتى ، على بطاقة بريدية. حسنا ، ما من سبب للشكوى ؛ لقد بلغتني رسالتان ، كلتاهما بالأمس و قبل الأمس ، و من بمقدوره أن يختار بين احتمالين صعبين من النوع الذي يدفعك إلى القول : الأفضل أن أتلقى رسالة يوميا من محبوبتي لا رسالتين في يوم واحد ثم لا شيء في اليوم اللاحق . و لكن إن ما يبهج القلب تماما ، هي ساعة وصول الرسالة اليومية ، هذه الساعة تأتي معها المسرة ، الثقة ، الانشراح ، و انزياح المفاجآت المزعجة عن الطريق.
عزيزتي ، حقا لا أعتقد أن شيئا ضارا وقع لك ، و إلا في هذه الحالة عليك أن تكتبي لي على وجه السرعة ، و لكن ، وحدي خلف الطاولة ، التي تتحمل عبء الآلة الطابعة ، و المراجعين الذين تفيض عليهم هموم ذواتهم ، و الموظفين الذين لديهم كثير من التساؤلات ، كيف لي أنا ، بحضور كل هذه الأنماط من الناس ، التوصل إلى خاتمة الموضوع : في برلين البعيدة أنت تعيشين حياة ليست مستقرة من نواحي الطمأنينة و السعادة!. ربما حركت والدتك بالأمس أشجانك ، ربما آلمك رأسك أو ضرسك ، ربما هدك التعب ، و علاوة على كل ذلك ليس لدي علم اليقين عن أحوالك ، إن الشك يعصف برأسي مثل زوبعة.
وداعا يا عزيزتي ، من الآن فصاعدا سوف أكتب لك رسالة واحدة يوميا ، على الأقل إلى أن أحرز تقدما في عملي. و إلى أن يحدث ذلك ، سوف تكون رسائلي أكثر كآبة ، و واحدة فحسب في اليوم. و إن لم تقري بذلك أمام نفسك ، ففي هذا القدر كفاية.
وداعا يا عزيزتي . تبدو لي هذه الكلمة و كأنها تلقي بقعة ضوء مفاجئة على الورقة!. ما من حادث مؤسف سوف يحيق بك ، و أنا على ثقة من ذلك.

المخلص

فرانز

ترجمة : ثورة الرزوق


اقتباس:
وداعا يا عزيزتي . تبدو لي هذه الكلمة و كأنها تلقي بقعة ضوء مفاجئة على الورقة!.


شيء حقيقي جداً يتراءى هنا في هذا الاقتباس بقعة ضوء 
هي الوداع والمفاجأة صاغها كافكا بشكل لا يشبه الصيغ بكافة أشكالها...

- هنا قد نجد بعض إجابة عن تسأل ديماركية في تأثير الدين على علاقة كافكا مع النساء احتمال يقول بان كافكا قولب الجنس في كلماته أو أوّله رغبة منه في تحفيز ذاته .

-وما يضعف هذا التساؤل هو في رسالة كافكا الى "ميلينا "
في 13يونيو 1920م
اقتباس:
رأيك باليهود الذين تعرفينهم طيب أكثرمن اللازم، أحيانا أتمني أن احشرهم جميعا (ربما فيهم أنا) في الدرج ، وانتظر، ثمأسحب الدرج قليلا كي أري فيما إذا كانوا اختنقوا جميعا، وإذا لم يكن هذا قد حدث،فأغلق الدرج، وأعيد العملية هكذا حتي النهاية .
ربما مرض كافكا ونحول جسمه والطريقة التي نشأ عليها التي ساهمت بعدم ثقته في نفسه
عوامل ساهمت بفشل علاقاته مع النساء كذلك حسب ما قرأت أن كافكا كان يستخدم المرأة كوسيلة ملهمة للكتابة أكثر منها علاقة متبادلة بين عاشقين لذلك كان كافكا دائما بعيدا عن نسائه
__________________

يقول البعض أن سبب علاقته هذه مع النساء هو بعض علاقاته السابقة مع العاهرات ، ولكنني لم أفهم هذا ، ثم يذكرون أيضاً هذا التردد في كافكا فهو تارة يقبل على الزواج ويخطب فليبس وتارة يسحب الزواج بقوله أنها لن تحتمل الزواج معه .

سريالي 
__________________
كان لي جوع يسكن شحوب القمر، وأغنية قليلة التجربة في شفاه النهار، هي الطمأنينة حين نحب، هي الحكايا المثيرة علقت على جدائل الحبيبة، هذا ما يرينا كم للعصفورة من هبات*

- بالنسبة لكافكا فقد نظر الى المرأة كقيمة والقيمة هي الوجود من حيث كونه مرغوباً فيه أو موضع رغبة ممكنة كما يعتقد مفلسفين القيم.

يقول جان بول :-
القيمة تشكل المرغوب وبهذا تستلزم استعمال تطلع وتمثيل والرغبة لا تنتهي عند موضوع كما هي الحاجة ولكنها تحال إلى أفكار ومثل عليا وهي تقبل التحول بعضها إلى بعض .

كتب كافكا في 11 يوليو 1913 (خلاصة الحجج التي تقف ضد زواجي و تعارضه)


- إنني عاجز عن تحمّل الهجوم على حياتي
الخاصة وطلباتي الشخصية وهجمات الزمن
والشيخوخة والضغط المبهم للرغبة في الكتابة
والأرق والقرب من الجنون .

- ويشير كافكا إلي: إنني أكره كل ما ليس له
علاقة بالأدب , وتجعلني الحوارات لاسيما تلك
التي لا علاقة لها بالأدب, أُصاب بالملل, مثلما
يضجرني قيامي بالزيارات الاجتماعية .


يقول كافكا :


"لا يزال الليل ليلاً أقل من اللازم"

- الخوف لا يمنح الإنسان سوى «سعادة منقوصة»، وعندما يحبّ «سيدفن الحب تحت الخوف وتأنيب الذات».

-----------------

- أهدى كافكا يومياته الى صديقته التشيكية ميلينا يسينسكايا على أمل أن لا يراها أحد قبل وفاته وهو مافعله صديقه ماكس برود في 1937ولكنها لم تنشر مكتملة إلا في الخمسينات .

- «يوميات فرانتس كافكا»
هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث،
ترجمة خليل الشيخ

- كتب في أغسطس1913: «حدث عكس ما تمنيت، وصلتني ثلاث رسائل، لم أحتمل الأخيرة... إنني أحبها قدر استطاعتي، إلا أن الحب دفن حيّاً تحت الخوف وتأنيب الذات».

هذا وقد كانت رواية القصر او القلعة بعد القطيعة مع ميلينا.

- صدر كتاب " رسائل إلى ميلينا يسينسكايا " في عام 1952

يقول كافكا

- إنّ معظم الكلمات التي أكتبها لا ينسجم بعضها مع البعض الآخر. إنني أستمع إلى الحروف الصامتة وهى تحتك بعضها ببعض على نحو صفيحي، وإلى الحروف الصامتة وهي تغنى كأنها زنجي في معرض. إن شكوكي تحيط مثل الدائرة بكل كلمة... يوجب علي أن أخترع كلمات تكون قادرة على نفخ رائحة الجثث في اتجاه لا يصيبني مثلما لا يصيب القارئ مباشرة.

- طلب كافكا من أخته اوتلا أن تحصل له على إجازة من مديرة ولكنها في إحدى رسائلها تذمرت من طريقة تعامل ذاك المدير معها فكتبت له تشتكي من ذاك الاسلوب المتغطرس فرد عليها كافكا :

حيث كان خبيرا" بسيكولوجية البيروقراطيين فكتب يشرح لها الأمر : " أما أن المدير لم يرفع رأسه للنظر إليك , فهذا لا يدل على الاستياء إطلاقاً . كان ينبغي لي أن أهيئك لهذا الموقف فأسلوب المدير هو أسلوب يستخدمه بعض الخطباء حين يرفض الاستمتاع بالانطباع الذي تتركه كلماته لدى الحضور إلى القاعة لأن مثل هذا الخطيب الجيد – أو من يعتبر نفسه كذلك – واثق من نفسه إلى درجة أنه لا يشعر بالحاجة إلى إلقاء نظرة على القاعة , أو إلى مثل هذه الشحنة الإضافية فهو بدون ذلك , يدرك تماما" مدى قوته . "

- يقولون ان هذا المشهد الذي يصفه كافكا في إحدى رسائله أشبه بمادة خام لأحدى مشاهد رواية " القلعة/القصر " .

- أشعر بأنني على طبيعتي
عندما أكون سعيداً بشكل لا يمكن احتماله.
فرانزكافكا.

كافكا على كل حال ليس بالمحب العاشق كما اعتدنا ,أي أننا لن نجد ما يمكن إثباته.


ولكن عندما قرأت المحاكمة وكذلك المسخ عشت في قلق لا استطيع الانعتاق منه بالضبط حاله لا تستطيع تحديد ملامح أي شيئاً فيها ورغم ما فيها من خوف –حتى من أمكنتها-وتأنيب ذات إلا أن هناك متسع ل "ك" جوزيف لقضاء وطرا ما في مكان ما بشكل مقتضب وبطريقة ما و في أثناء هذا الغرام لم يعد يشعر إلا بالخوف وتأنيب الذات حتى على ما لم يفعله هو ذا كافكا يشعر بأنه متهم بما لم يفعله .



وهو يقول :

- انا لا أحبك أنتِ,بل أحب ذاتي التي تتجلّى من خلالكِ .

- الحب هو أن تكوني لي السكين التي أنبش بها ذاتي.


- على فكرة كافكا جعلني اتعاطف جداً مع الصرصورفي رواية (المسخ/التحوّل),يمتلك مهارة جد رائعة في خلق العاطفة غير التي نعرفها...

أمات كافكا غريغور بشكل يغضب النساء...

- هنا قد تجدين الكثير من الإجابات في :

كل إنسان يحمل في داخله غرفة*


كم عدد الكلمات المحفورة في شجرة الزان!

إنها تريد تذكيرنا! كما لو أن الكلمات لها القدرةعلى التذكير! لأن الكلمات مثل متسلقي الجبال السيئين. فهم لا يجلبون الكنوز، لا تلك التي في أعالي الجبال ولا تلك التي تختبئ في أعماق الجبال!

هناك تذّكر حيوي، يمر عابراً في كل قيم التذكر، يمسدها برقة مثل يد حنون. وإذا تصاعد لهب من هذا الرماد، مشتعلاًً وحاراً، قوياً وعنيفاً بينما تبحلق أنت بثبات، كما لو كنت مسيّراً من قوى سحرية، فيعني...

لكن في هذا التذكر الوجل، لا يستطيع المرء كتابة اسمه بيد غشيمة وآلة عمل يدوية خشنة، في هذه الأوراق البيض، القنوعة التي ترضى بالقليل.

عندما نتحدث مع بعضنا: تكون الكلمات قاسية، يمر المرء عليها كما لوأنه يسير على بلاط شارع مرصوف بصورة سيئة. الأشياء الأكثر رقة تصبح أقداماً ثقيلة الحركة ولا نستطيع فعل شيء لها. أننا مثبتون ببعض في الطرق، أصطدم بك وأنت تصطدم بي - لا أجرؤ على الحركة، وأنت أيضاً. وعندما نصل إلى بعض الأشياء، التي هي ليست بالضرورة أحجار طريق، نرى فجأة، بأننا نملك ألبسة مقنعة وأقنعة وجوه.

أنا متعب، يجب أن أفتش عن نفسي عبر راحة النوم، وإلا فأنني ضائع لا محالة. أي عناء، لكي يلقى المرء نفسه! لا يحتاج بذل جهد مثل هذا لكي يقف المرء على قدميه.

نحن مهجورون مثل أطفال ضلّوا الطريق في الغابة. إذا وقفتَ أمامي وتطلعت بيّ، فهل ستعرف شيئاً من الآلام، التي فيّ، وأي شيء سأعرفه أنا، من الآلام التي فيك؟ وماذا سيحصل، لو رميّت نفسي أمامك وبكيت وأنا أحكي لك، فهل ستعرف شيئاً مني، أكثر مما تعرفه عن الجحيم عندما يحكي لك أحدهم عنه، واصفاً حرارته ورعبه؟ ويكفي هذا السبب لوحده، لكي نعرف، نحن البشر، علينا أن نهاب بعضنا البعض جداً، أن نمعن في التفكير كثيراً، وأن نقف إلى جانب بعضنا متضامنين، كما لوكنا نقف عند مدخل يؤدي الى الجحيم.

كل إنسان يحمل في داخله غرفة. هذه الحقيقة يستطيع المرء التأكد منها عند اصاخته السمع. فعندما يسير أحدهم بسرعة ويصيخ السمع بدقة، في الليل مثلاً، عندما يكون كل شيء حولنا صامتاً، فإن المرء سيسمع مثلاً، خشخشة مرآة حائط ليست مثبتة بشكل جيد.

إلى أي مدى من اللامبالاة يمكن أن تصل الإنسانية، إلى أي قناعة عميقة، بحيث أن المرء يفقد وللأبد كل حس صحيح.

كل علم هو منهج ما للبحث عند مقارنته بالمطلق. لذلك لا حاجة للخوف من ضرورة منهجية واضحة. إنها القشرة، ولكن لا شيء أكثر من ذلك، باستثناء أن تكون أكثرمن نفسها.

ضعف الذاكرة للتفاصيل الصغيرة ولمجرى التصور الخاص بالعالم فأل سيئ تماماً. فقط أجزاء من الكلّ. كيف تريد إذاً تأدية أكبر الواجبات، أن تتشمم قربها فقط، أن تحلم بوجودها، أن تتوسل حلمها على الأقل، إذا كنت لا تستطيع التعبيرعن نفسك بهذه الدقة، بإنك، عندما تجيء لإتخاذ قرار، تقبض بيدك على نفسك كلها، مثلماتقبض على حجر لرميه، أو على سكين للذبح. من ناحية أخرى: على المرء ألا يبصق في اليدين، قبل أن يبسطهما.

نحن، إذا رأينا ذلك من زاوية عينين ملطختين بما هوأرضي، في وضع يشبه وضع مسافرين في قطار، تعرضوا لحادث مؤسف في نفق طويل، وبالذات عند تلك النقطة، حيث لا يرى المرء الضوء في بداية النفق، إنما يرى عند نهاية النفق ضوءاً ضعيفاً جداً جداً، لدرجة أن النظرة تصبح مجبرة بالإستمرار على البحث دائماً،لإنها تضيع دائماً، حيث لا تكون حتى البداية والنهاية مؤكدة.

إبتداءً من نقطة معينة لن يكون هناك خط رجعة. تلك هي النقطة التي يجب الوصول إليها...

* ترجمة/ نجم والي

قال كافكا :

لم أفهم أبداً ما هي القوانين.


- في رواية الجُحر والتي لم يكملها :


قصة حيوان ثدي يسمى الحفّار أو الغرير يقوم بحفر الأرض بحفر كثيرة وممرات –تشبه إلى حد كبير الطرق في بلدي- يقول كافكا على لسان هذا الحيوان :


عندما أكمن في الحصن تكون كل فكرة عن مجرد السلامة هي أبعد شيء عن ذهني ,ذلك لأنني أعلم أنه هنا في هذا المكان يكون حصني الذي لا يمكن قط أن ينتمي لأي كائناً آخر, والذي يكون في جوهره هو حصني أنا, وأنه بداخله يمكنني في هدوء أن أتقبل تلك الضربة المحتومة التي يوجهها لي عدوي في ساعة النهاية ذلك أن دمي سوف يراق هنا فوق ارضي أنا وأنه لهذا لن يضيع .


اعتقد بأن الكلمات موسيقى تُذهب النساء وحتى أخلق الكلمات يجب أن أجد المرأة لكي تؤلمني وهكذا كان كافكا و النساء .
إن مالا نستطيع إدراكه هو الكم الهائل من الصور التي تتراكب و الألم حتى يغدو المرء عرضة لهذيان مستمر يُغال به حتى في ذات خنفساء...

المرء الفرد الوحيد القادر على فعل ذلك هو من يصوغ صورة المرأة كما ينبغي أن تُصاغ.

بقي أن أقول بأنك تقرأ لكافكا وتقرئين وتحسب بأنك تدركه وتعي إلى أن يضرب بوعيك عرض الجدار.

تهجين *

لديّ حيوان غريب، نصفه هرّ صغير، والنصف الآخر حمل. ورثته عن ابي. لكنه لم يكبر الا معي. سابقا كان حملا اكثر منه هراً. الآن له مظهر الاثنين بالتساوي. له من الهر الرأس والبراثن، ومن الحمل الشكل والبدن، وله العينان من الاثنين، الحائرتان والوحشيتان، والصوف الناعم والقصير، والحركات التي هي بين القفز والدبيب. وعند طلوع الشمس يتكور على طرف الشباك، ويبدأ يخر، وفي الحقول يركض كالمجنون، ونكاد نعجز عن الامساك به. وامام الهر يهرب، وامام الحمل يهجم. وفي ضوء القمر، يتنزه على المزاريب، مقصده المفضّل. لا يعرف ان يموء، والفئران تنفر منه. ويمكنه ان يرقد ساعات، متربصاً امام قن الدجاج، لكنه لم يستفد مرة من فرصة سانحة لقتل دجاجة.
أغذّيه بالحليب المحلّى، فهو افضل غذاء يلائمه. وأمرره بجرعات كبيرة على انيابه اللاحمة، وهذا ما يستهوي الصبية بشدة طبعا. وكانوا يأتون في الصباح، وكنت أضع الحيوان الصغير على ركبتيَّ، وكل صبية الجيرة من حولي.
واذذاك قد نسمع أغرب الاسئلة. من هذه الاسئلة التي لا يسع المرء الاجابة عنها. لماذا ليس ثمة حيوان آخر من هذا الجنس؟ لماذا هو في حوزتي انا؟ هل كان ثمة حيوان قبله من هذا النوع؟ ماذا يحدث بعد موته؟ هل يشعر بالوحدة؟ لماذا ليس له صغار؟ وما اسمه؟
لم اكن اهتم كثيرا بالاجابة، مكتفياً بعرض ما لديّ. احياناً كان الصبية يجلبون معهم هررة، ومرة احضروا حملين. ولكن، بعكس ما كانوا يتوقعون، لم تُحدث هذه اللقاءات اي مشهد تعارف. فالحيوانات كانت تتفرّس بعضها في بعض، بكل هدوء، كأنها تعتبر وجودها من المسلّمات الخلقية.
لا يبدي هذا الحيوان الصغير، وهو على ركبتيَّ، خوفا او عدائية. بل يحس نفسه في احسن حال، وهو لصيق بي. كما يُظهر تعلقاً بالعائلة التي ربّته. وليس ذلك عن اخلاص غير عادي، وانما عن غريزة اكيدة لدى حيوان، ليس له، برغم امتلاكه اسرة كبيرة، رفيق واحد في هذا العالم. لذا، يعتبر الرعاية التي وجدها عندنا، امراً مقدساً.
لا أتمالك نفسي من الضحك، عندما أراه يشمّ أسفل بنطلوني، ويتلوى للمرور بين ساقيّ، ولا يطيق الابتعاد عني. ويبدو أنه غير راض عن كونه حملاً وهرّاً. ويتمنى لو كان كلباً! في احد الايام احسست بالعجز عن حل بعض الصعوبات التجارية، وما نجم عنها من مشاكل – كما قد يحدث لكل شخص - فتركت كل شيء، ومضيت الى المنزل لأترجح على كرسيَّ مع حيواني الصغير على ركبتي، فرأيت، اذ أحنيت لأحمله، بعض الدموع تسيل على شاربه الطويل.
فهل كانت دموعي يا ترى؟ أم كانت دموعه؟ أيملك هذا الهر في بدن حمل طموحاً انسانيا؟… صحيح اني لم ارث الكثير من ابي، لكن هذا الامر أستطيع أن أظهره.
يجمع حيواني نوعين من اللاطمأنينة، ذاك المتعلق بالهر والآخر بالحمل، برغم اختلافهما الشديد. كذلك يجد نفسه غير مرتاح في جلده. احيانا يقفز الى جنبي، يضع قائمتيه على كتفي ويلصق خطمه بأذني، كأنه يريد ان يقول لي شيئاً. في الواقع، بعد هذه الحركة، ينحني الى الامام، ويراقب عينيّ، ليقرأ الانطباع الذي أحدثه ما أسرّ به اليّ. أنا من جهتي، كي أرضيه، أهز له رأسي، تعبيراً عن فهمي مسارّته. واذذاك يقفز الى الارض ويروح يرقص حولي.
ربما تكون مدية الجزّار وسيلة خلاص له، لكني سأحرمه منها. أليس ارثاً من ابي؟ يجب اذاً ان ينتظر اليوم الذي سينطفىء فيه من تلقاء نفسه، وإن كان ينظر اليّ احياناً بعينين بشريتين، عينين ذكيتين تلتمسان عملاً معقولاً.

* ترجمة هنري فريد صعب

تعليقات